إسرائيل تعزّز «فدرلة» السويداء «قيصر» أميركي جديد في الأفق سوريا عامر علي الثلاثاء 22 تموز 2025٧ يصوّت الكونغرس الأمير
إسرائيل تعزّز «فدرلة» السويداء: «قيصر» أميركي جديد في الأفق
سوريا
عامر علي
الثلاثاء 22 تموز 2025٧
يصوّت الكونغرس الأميركي، اليوم، على مشروع قانون يتضمّن تمديد قانون العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا (أ ف ب)
«لا يمكن لأيّ عنصر حكومي سوري دخول السويداء»؛ بهذه الكلمات لخّص الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الذي تولّت بلاده إدارة المفاوضات مع إسرائيل والأردن والولايات المتحدة لإنهاء أزمة السويداء، الأوضاع في المحافظة الواقعة جنوبي البلاد. وتضمّنت الاتفاقات التي أثمرت وقفاً لإطلاق النار، باستثناء بعض المناطق المشتعلة في ريفَي المحافظة الشمالي والغربي، بنداً يسمح بخروج عوائل العشائر البدوية الموجودة في المحافظة، الأمر الذي يعني فعلياً إخلاء الأخيرة من أحد مكوّناتها، وتحويلها إلى منطقة درزية صرفة، يسهل معها إنشاء حكم ذاتي، برعاية وإشراف إسرائيليَّيْن، وقبول أميركي، وعجز من السلطات السورية الانتقالية.
على أنه لا يمكن فهم ما وصلت إليه السويداء بالنظر إلى وقائع اليوم الأخير فقط، والذي أظهر المحافظة بلون درزي واحد، يؤيّد أحد شيوخ العقل (الشيخ حكمت الهجري)، وينتصر بإسرائيل، من دون الاطّلاع على سياق الأحداث التي أوصلت الأوضاع إلى هنا، والتي بدأت، وفق تقرير نشرته وكالة «رويترز» بسبب «سوء فهم» من قبل السلطات السورية الانتقالية، التي ظنّت أنها حصلت على ضوء أخضر من الإدارة الأميركية، ومن تل أبيب، يسمح لها باقتحام المحافظة بالقوة، إذ على مدار نحو ثمانية أيام، خسرت دمشق فرصاً عديدة لمنع الوصول إلى هذه النقطة، بدءاً بإقحام فصائل متشدّدة تتبع لوزارتي الداخلية والدفاع، ارتكب عناصرها عشرات المجازر بحق المدنيين، وليس انتهاءً بتحويل الصراع إلى «عشائري – درزي»، بعدما أفسحت المجال أمام قوات عشائرية، مدعومة بفصائل حكومية، لمهاجمة المحافظة، ومحاولة انتزاعها بالقوة. ومنح ذلك إسرائيل فرصة تاريخية للتدخل، عبر بوابة حماية الدروز، لتصبح وبشكل رسمي راعية لهم، وخط الدفاع عنهم في وجه الفصائل المتشدّدة.
وفي وقت يبدو فيه من المبكر الحديث عن مستقبل سوريا بشكل عام، تظهر الصورة أكثر وضوحاً في الجنوب، الذي تريده إسرائيل منزوعاً من السلاح، وترعى «فيدرالية درزية» فيه. ويمنح هذا الواقع، تل أبيب، سطوة غير مسبوقة على الملف السوري، الذي يمر في الوقت الحالي بأحد أصعب التحدّيات الجغرافية، في ظلّ الحديث عن مساعٍ مستمرة لتقسيم البلاد، وإنشاء فيدراليات فيها، والذي يرافقه استمرار عمليات القتل الطائفي.
يبقى سلاح العقوبات مرهوناً بالمزاج الأميركي، الذي يرى في مصلحة إسرائيل أولوية قصوى
وفي خضمّ ذلك، شهد موقف الولايات المتحدة، التي أظهرت انفتاحاً على الإدارة السورية الجديدة في مرحلة ما بعد نظام بشار الأسد، وكانت فرضت على سوريا عقوبات قاسية شملت معظم جوانب الحياة، بسبب تحالف رئيسها السابق مع إيران وفصائل المقاومة بما فيها «حزب الله»، انقلاباً على سلطة أحمد الشرع، بعد أن اصطدمت هذه الأخيرة بالمصالح الإسرائيلية، من دون مراعاة لكونها تسعى لبناء علاقات طبيعية مع تل أبيب.
وفي هذا السياق، من المُرتقب أن يصوّت الكونغرس الأميركي، اليوم، على مشروع قانون يتضمن تمديد قانون العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا (قيصر)، ويضيف عليه جملة من الشروط التي يفرض على واشنطن التحقّق من تطبيقها قبل رفعه مستقبلاً. ويعني ذلك فعلياً عودة الولايات المتحدة إلى استعمال العقوبات سلاحاً في الميدان السوري، في تضارب مباشر مع الخطابات الإعلامية، والتهليل الأميركي لسوريا الجديدة، بعد أول احتكاك بينها وبين إسرائيل.
وتضمّ مسوّدة القانون التي تحظى بتأييد رئيس اللجنة المالية، في مجلس النواب فرنش هيل، بشكل أساسي، خمسة شروط، هي: منع استعمال المجال الجوي لشن هجمات ضد المدنيين (يبدو أن هذا الشرط جاء بهدف الحد من استعمال الطائرات المُسيّرة الانتحارية، في ظل عدم امتلاك السلطات الجديدة أسلحة جوية، كانت إسرائيل قد قامت بتدمير معظمها بعيد سقوط نظام الأسد)، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، والسماح لمراقبين دوليين بدخول مراكز الاحتجاز (تملك السلطات الحالية سجوناً عدة مكتظّة في حماة وإدلب وريف حلب)، والامتناع عن استهداف الأقليات، ومكافحة تجارة الكبتاغون. كما تحمل المسوّدة نصاً يجيء فيه أنه «لا يجوز إلغاء قانون قيصر إلى حين المصادقة على تحقيق تلك الشروط لمدة سنتين متتاليتين من قبل الحكومة السورية».
وفعلياً، لا يعني مشروع القانون، الذي ذكر ناشطون أميركيون من أصول سورية ينشطون في تجمعات سياسية في واشنطن، أن اللجنة المالية ستقوم بتمريره، تطبيق العقوبات بشكل فوري، وذلك بعد أن منح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، استثناءً من كامل العقوبات التشريعية لمدة ستة أشهر.
غير أن التوجه لتجديد القانون وربطه بشروط يتعارض مع توجهات سابقة في أروقة الكونغرس الأميركي كانت تهدف بالأساس إلى رفع العقوبات التشريعية عن سوريا، يعني أن سلاح العقوبات مستمر، وسيبقى مرهوناً بالمزاج الأميركي، الذي يرى في مصلحة إسرائيل أولوية قصوى، الأمر الذي سينعكس بشكل مباشر على مشاريع السلطات السورية الانتقالية التي ترفع شعار الاستثمارات في محاولة لتثبيت نفوذها.
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها